الريف كفضاء عام يجمع كل الريفيين والريفيات، فضاء حقيقي للمواطنة والإنسانية جمعاء التي تسعى إلى ايجاد التعايش والتوازن اللذان لا يمكن العثور عليهما إلا في السيادة والحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الإجتماعية. الريف حقا يسعى إلى الأمام، الريف يسعى إلى الإستقرار والرفاهية والعيش الكريم المشترك بين الريفيين و بين باقي الشعوب.
الريف والحراك والقومية الريفية: إذا كنا حقا نريد أن نصل عبر هذا الحراك أو هذا الخيار إلى فلسفة المستقبل، فلسفة الإنسان الريفي الحر، المتحرر من كل القيود ومن كل مظاهر الزيف والفساد والإستبداد والطغيان والتشوهات… ما علينا إلا تبني القومية الريفية حيث لها مبرر تاريخي وتنطوي على مضمون تقدمي، ديمقراطي ولأنها موجهة ضد الإحتلال المغربي العلوي العروبي والممثل للإستعمار الإمبريالي. هي إذا قومية ريفية تخدم شعب الريف ضد عملية الإلحاق، حيث من لا يملك أعطى لمن لا يستحق، وفرنسا التي لا تملك أي سلطة على الريف ألحقت الدولة الريفية بالنظام المخزني الذي لا يستحق هذا الشعب الريفي.
إن التشبث بالقومية الريفية من أجل الحرية والإستقلال الوطني التام بدل المراهنة على المواطنة الزائفة (المواطنة المغربية) التي هي وطنية مميتة وقاتلة، مليئة بالحقد والكراهية والعنصرية، قومية أساسها خدمة شعب الريف والتمسك بمركزية الريف بدل مركزية الرباط وما جاورها، إذا أردنا رفع الحصار والتهميش والتطهير القومي الريفي حتى لانبقى واقفين متقوقعين في منطق الصفر الكلي، نتبادل الصيحات ونتباكى من تأثيرات ووقع التخلف الذي أصابنا جراء اللاءات الثلاث لسياسة هذا النظام: اللاشعبية، اللاوطنية و اللاديمقراطية.
و يكون بالتالي (النظام الديكتاتوري) الذي يحدد اتجاه التغيير وسرعته والمحطات التي يقف فيها في كل مراحل الأزمات وليس في هذا سر أو خديعة لهذا على الشعب الريفي التمسك بالخط القومي والعقل الريفي الموحد بدل العاطفة وكل ماهو أخلاقي أو روحاني، لأن القضية الريفية هي قضية سياسية و حلولها كذلك بعيدة كل البعد عن الرهانات والتخمينات الطوباوية في ظل هذا النظام الديكتاتوري الذي يجهض كل الخيارات والمبادرات المتاحة والممكنة، ومنعه واعتراضه على الإعتراف وحق المشاركة السياسية (…) كماهي مبادرة الحكم الذاتي في السيادة والإدارة إلا أن مع طبيعة هذا النظام لاشيء سيتحقق ولا شيء يرجى منه خيرا وأي مطلب كيفما كان طبيعته و نوعيته غير ممكن ويستحيل تحقيقه، لهذا لا بديل عن قانون مطلب حق الشعب الريفي في تقرير مصيره من أجل الإستقلال وإقامة الدولة المدنية أمام هذه السياسة، سياسة أمر الواقع، يستوجب علينا الإنتقال إلى التفكير في مرحلة الإعداد والإنتصار على هذا النظام الفاشي، المجرم بدءا بتحرير فكرنا من كل الشوائب للقيام بالواجب والفعل المنظم الجاد والمسؤول، تسير في طليعته الجماهير الكادحة والفلاحين البسطاء و العاطلين عن العمل الطامحين إلى الحرية والكرامة والعدالة و المساواة، هم المعنيين الحيقيقيين بالتغيير أولا وأخيرا. أما دون هذا فلن نكون ولا يمكن أن نكون أبدا، لأن في الأخير يبقى الإنسان الريفي ابن بيئته وقضيته سياسية على الوجه الصحيح وحلولها سيقرر فيها الريفيون، وكذلك الشأن بالنسبة للصراع السياسي مع هذا النظام فعاجلا أم آجلا وبعيدا عن الضبابية و الغموض وبعيدا عن مظاهر البيروقراطية والإنتهازية المعرقلة التي من شأنها تغيير الشكل فقط دون المضمون ودون مقاومة فكرية تنشد الإنعتاق و التحرر.
محمد أجطار – 2018، صوليدأريف، (بتصرف)